كالعادة تبارت القنوات الفضائية المصرية لتغطية حدث واحد بعينه وكأن الأحداث الكروية والرياضية في مصر انتهت، كل القنوات صبت تركيزها على إعلان إدارة النادي الأهلي إستقالة المدير الفني للفريق "مانويل جوزيه"، البعض ذهب لموضة الفيديو كليبات، وآخرون ذهبوا للتحليل الفني لما هو بعد مرحلة مانويل جوزيه، وآخرون تكهنوا باسم خليفة جوزيه في القلعة الحمراء..
هناك قنوات نجحت في تحليل القضية وإلقاء الضوء عليها باسلوب موضوعي، وقنوات آخرى أكدت ان ليس لديها الجديد مثل قناة الأهلي وقناة مودرن سبورت.
بعد نهاية مباراة الأهلي وسانتوس بفوز بطل إفريقيا بثلاثية حملت توقيع محمد أبو تريكة هدف وأسامة حسني هدفين، تأكدنا من الواقع المُر الذي تعيشه قناة الأهلي، فقد استضاف سيد عبد الحفيظ مقدم برنامج ملعب الأهلي قائد الفريق شادي محمد للتحدث معه حول المباراة.
بدلاً من ان يتحدث سيد عبد الحفيظ عن مستوى خط الدفاع ورأيه في مهاجمي الفريق الأنجولي وتطلعاته لمباراة العودة في أنجولا وهي الأخيرة لمانويل جوزيـه كمديراً فنياً للفريق ذهب بغرابة شديدة ليتحدث في أمور ليس لها أدنى أهمية أو لا تهم الغالبية العظمى أصحاب العقول الموزونة، إنما تهم أصحاب العقول الفسفس، ماذا سأل سيد عبد الحفيظ قائد الأهلي؟
سأله عما حدث بعد المباراة من قبل الجماهيـر الأهلاوية، كيف نادوا على جوزيه، وكيف تم ذلك، وما هي ردة فعل جوزيه تجاه مشاعر عشاق الفريق، وما هي ردة فعل الجماهير عندما لبى جوزيه طلبهم وذهب لتحيتهم؟
أي ان عبد الحفيظ إستخدم شادي محمد كمراسل لقناة الأهلي في ملعب المباراة، والأدهى بعد انتهاء شادي من شرح الموقف بالتفصيل، كرر سيد عبد الحفيظ نفس الأسئلة، يا سبحان الله، نفس الأسئلة، يا له من حشو، وإطالة ومط وإسهاب وإطناب في أمور حتى العقول الفسفس لا تقبلها..!!
وأراد عبد الحفيظ إخراج أي معلومة من شادي بأسئلة ليس لها أي داع أو أهمية، ويبدو انه أراد من شادي وصف تفصيل لمشاعر جوزيه بالتعمق داخل وجدانـه، وربما رغب في الحصول على خبر حصري بتغيير جوزيه لقرار الرحيل.
كان بإمكانك يا عبد الحفيظ توجيه عدة أسئلة في أمور أخرى خاصة بالمباراة وبالفريق المنافس لكنه لم يفعل أي شيء يدل على فطنته ووعيه كإعلامي في قناة عملاق افريقيا.
هذه القصة إن دلت على شيء فتدل على مدى إنحدار دور مقدم البرامج والمحاور، فحتى أسئلة عبد الحفيظ لضيوفه في الأستوديو دائماً ما تكون سطحية غير عميقة أو مُستفزة بمنطقية تؤدي لإخراج الضيف كل ما لديه من أجل إفادة المشاهد، لذا ليس غريباً ان ينفر أغلب متتبعي الأستوديو التحليلي للأهلي ويذهبون ربما لقنوات أخرى يعلمها علام الغيوب.
ظاهرة إنحدار المستوى الثقافي والقدرة على محاورة الضيوف على الهواء من قبل مقدم مقدم البرامج الرياضية المصرية مُنتشرة إنتشاراً موحشاً، بدون ذكر اسماء إضافية، يوجد في قناة مودرن سبورت1 مقدم هنا القاهرة بديل صادق، وفي قناة مودرن سبورت2 عدد وافر من المقدمين الأقل من متوسط في زمالكاوي وأهلاوي وإسمعلاوي وإتحاداوي ومصراوي.. وهلم جرة!!
أتذكر موقف أخر يؤكد المعنى الحقيقي للإسفاف والإفلاس الإعلامي الرياضي المصري..
قبل يومين ظهر مدحت شلبي في حصاد الأسبوع ليتحدث عن رحيل مانويل جوزيه وبالطبع أعد العدة بلقطات للساحر البرتغالي من أهم مبارياتـه وبعد ان نفدت قوته، ووجه سؤالاً غريباً جداً لمشاهديـه:
"هل سيبكي جوزيه عندما يرحل عن الأهلي، عاوزين نشوف جوزيه سيبكي أم لا؟".
لنفرض ان جوزيه لم يبك فهل هذا ينتقص من شخصه، ومن عشقه للأهلي، إدارة ولاعبين وجماهير؟
أهذا يعني ان الإبن الأكبر الذي يتماسك دون ان يبكي وقت وفاة أبيه أمام أشقائه الأصغر منه انه بذلك إبناً جاحــد؟
متى.. وأين..وكيف يا ترى.. ينصلح حال الإعلام الرياضي المصري.. هل يبقى الحال هكذا طويلاً.. أم يستمر الوضع كما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للمسلسلات والأفلام الهندية "ارحم"؟
نقلا عن موقع جو